التنمية البشريةصحة وطبكيفية

كيفية دعم مريض مراهق مصاب بالسرطان

كيفية دعم مريض مراهق مصاب بالسرطان

دليل شامل لتقديم الدعم النفسي والعاطفي والعملي

إن تشخيص السرطان لدى مراهق يمثل تحديًا هائلاً للمريض وعائلته على حد سواء. فالمراهقة بحد ذاتها فترة مليئة بالتغيرات والتقلبات، وإضافة عبء مرض خطير يمكن أن يزيد من تعقيد الأمور. يتطلب دعم مراهق في هذه الظروف فهمًا عميقًا لاحتياجاته الفريدة التي تتجاوز العلاج الطبي. هذا المقال يقدم لك خطوات عملية وطرقًا فعالة لتقديم الدعم الحقيقي الذي يحتاجه المراهق لمواجهة رحلة العلاج بقوة وأمل، مع الحفاظ على روحه المعنوية.

فهم التحديات الفريدة التي يواجهها المراهق

التأثير على الهوية الشخصية والاستقلالية

كيفية دعم مريض مراهق مصاب بالسرطانيمر المراهقون بمرحلة حاسمة في تكوين هويتهم والسعي نحو الاستقلالية. يمكن لتشخيص السرطان أن يعطل هذه العملية بشكل مفاجئ. فبدلاً من قضاء الوقت مع الأصدقاء واكتشاف اهتمامات جديدة، يجد المراهق نفسه مقيدًا بالمواعيد الطبية والعلاجات. هذا الوضع يجعله يشعر بفقدان السيطرة على حياته وجسده، مما يؤثر سلبًا على ثقته بنفسه. من الضروري إدراك هذا الصراع الداخلي ومنحه مساحة لاتخاذ قرارات بسيطة تتعلق بحياته اليومية لتعزيز شعوره بالاستقلالية قدر الإمكان.

المخاوف الاجتماعية والعزلة

يعد التواصل الاجتماعي جزءًا حيويًا من حياة أي مراهق. الخوف من تغير المظهر الجسدي بسبب العلاج، مثل تساقط الشعر أو فقدان الوزن، يمكن أن يؤدي إلى شعور بالخجل والانعزال. قد يبتعد المراهق عن أصدقائه خوفًا من نظرات الشفقة أو عدم فهمهم لما يمر به. دعمك يجب أن يركز على تشجيعه على البقاء على تواصل مع أصدقائه المقربين، ربما من خلال ترتيب زيارات قصيرة أو استخدام التكنولوجيا للتواصل، وتذكيره بأن قيمته كشخص لا تتغير بتغير مظهره.

خطوات عملية لتقديم الدعم العاطفي والنفسي

كن مستمعًا جيدًا وليس مجرد ناصح

غالبًا ما يكون أفضل دعم يمكنك تقديمه هو الاستماع الفعّال. قد لا يرغب المراهق في سماع حلول أو نصائح، بل يحتاج فقط إلى شخص يستمع لمخاوفه وإحباطه دون إصدار أحكام. اجلس معه، ودعه يتحدث بحرية عن أي شيء، سواء كان متعلقًا بالمرض أو بأمور أخرى مثل المدرسة أو الأصدقاء. تجنب مقاطعته أو قول عبارات مثل “كن قويًا” أو “كل شيء سيكون على ما يرام”. أحيانًا، الصمت المريح ووجودك إلى جانبه يكون كافيًا ليشعر بالأمان والدعم.

احترم خصوصيتهم ومساحتهم الشخصية

يحتاج المراهقون إلى مساحتهم الخاصة، ويزداد هذا الاحتياج خلال فترة المرض. قد يرغب في قضاء بعض الوقت بمفرده لمعالجة مشاعره أو ببساطة للراحة. من المهم احترام هذه الرغبة وعدم فرض وجودك عليه باستمرار. اطرق الباب قبل الدخول، واسأله إذا كان يرغب في التحدث أو يفضل البقاء وحده. إن منحه هذه المساحة يعزز شعوره بالاحترام والسيطرة على بيئته المباشرة، وهو أمر بالغ الأهمية عندما يشعر أن الكثير من جوانب حياته خارجة عن سيطرته.

شجعهم على التعبير عن مشاعرهم

قد يجد المراهق صعوبة في التعبير عن مشاعره المعقدة مثل الغضب أو الحزن أو الخوف. يمكنك مساعدته من خلال توفير منافذ آمنة للتعبير، مثل الكتابة في يوميات، أو الرسم، أو الاستماع إلى الموسيقى. يمكنك أيضًا طرح أسئلة مفتوحة مثل “كيف تشعر اليوم؟” بدلاً من “هل أنت بخير؟”. إذا كان المراهق منغلقًا جدًا، قد يكون من المفيد اقتراح التحدث مع مستشار نفسي أو الانضمام إلى مجموعة دعم للمراهقين المصابين بالسرطان، حيث يمكنه مشاركة تجاربه مع أقران يفهمون ما يمر به.

طرق تقديم الدعم العملي واليومي

المساعدة في مواكبة الدراسة

يمثل الحفاظ على المسار التعليمي تحديًا كبيرًا. يمكنك تقديم مساعدة عملية من خلال التواصل مع مدرسته لترتيب خطة دراسية مرنة. قد يشمل ذلك الحصول على المواد الدراسية، أو التنسيق مع المعلمين لتسجيل المحاضرات، أو إيجاد مدرس خصوصي لمساعدته في المواد التي يجد صعوبة فيها. مساعدة المراهق على مواكبة دراسته تمنحه شعورًا بالهدف والإنجاز وتساعده على الشعور بأنه لا يزال جزءًا من حياته الطبيعية قبل المرض.

تنظيم زيارات الأصدقاء وإدارة التواصل

يمكن أن تكون الزيارات الاجتماعية مرهقة للمريض. اعرض عليه أن تكون حلقة الوصل بينه وبين أصدقائه. يمكنك مساعدته في تحديد الأوقات المناسبة للزيارات القصيرة، وإبلاغ الأصدقاء بحالته بشكل مناسب حتى يعرفوا ما يمكن توقعه. هذا يزيل عن المراهق عبء الاضطرار إلى الشرح المتكرر ويضمن أن تكون التفاعلات الاجتماعية مصدرًا للطاقة الإيجابية بدلاً من الإرهاق. استخدم وسائل التواصل لتحديث الأصدقاء المقربين بعد أخذ موافقته.

الحفاظ على الحياة الطبيعية قدر الإمكان

عاملهم كشخص وليس كمريض

من أهم جوانب الدعم هو أن تتذكر دائمًا أنك تتعامل مع مراهق يمر بتجربة المرض، وليس مع “مريض سرطان”. استمر في التحدث معه عن اهتماماته وهواياته، واضحك معه على النكات، وشاهده في برامجه المفضلة. تجنب أن تتمحور كل المحادثات حول المرض والعلاج. عندما تعامله كشخص متكامل له اهتماماته وشخصيته، فإنك تساعده على الحفاظ على هويته بعيدًا عن المرض، وهذا يمنحه قوة نفسية هائلة لمواصلة رحلة العلاج.

لا تنسَ أفراد الأسرة الآخرين

غالبًا ما يتم تركيز كل الاهتمام على المريض، مما قد يؤدي إلى شعور الإخوة والأخوات بالإهمال. من المهم تخصيص وقت لبقية أفراد الأسرة والاستماع إلى مخاوفهم وتقديم الدعم لهم أيضًا. إن الحفاظ على توازن صحي داخل الأسرة يخلق بيئة داعمة ومستقرة للجميع، وهو ما ينعكس إيجابيًا على الحالة النفسية للمراهق المريض. شجع التواصل المفتوح بين جميع أفراد الأسرة لمشاركة مشاعرهم ودعم بعضهم البعض خلال هذه الفترة الصعبة.

Dr. Merna

كاتب ومحرر بموقع هاو منذ عام 2017.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock