صحة وطبكيفية

كيفية السيطرة على الشهية بعد التكميم

كيفية السيطرة على الشهية بعد التكميم

فهم التحديات والحلول العملية للتحكم في الجوع

تُعد جراحة تكميم المعدة خطوة محورية نحو حياة صحية أفضل، ولكن الرحلة لا تنتهي عند هذا الحد. يظل التحكم في الشهية والجوع تحديًا رئيسيًا للعديد من المرضى بعد العملية، مما يتطلب فهمًا عميقًا وتطبيقًا لاستراتيجيات فعالة. يقدم هذا المقال دليلاً شاملاً يضم طرقًا وحلولًا عملية لمساعدتك على السيطرة على شهيتك بشكل مستدام، مما يضمن نجاحًا طويل الأمد لرحلتك الصحية.

فهم الشهية بعد جراحة التكميم

لماذا تتغير الشهية بعد التكميم؟

كيفية السيطرة على الشهية بعد التكميمتحدث تغييرات جذرية في الجسم بعد عملية تكميم المعدة، وأبرزها تقليص حجم المعدة بشكل كبير. هذا التغيير الفيزيائي يؤثر مباشرة على كمية الطعام التي يمكن تناولها. بالإضافة إلى ذلك، يتم إزالة الجزء المسؤول عن إفراز هرمون الجريلين (هرمون الجوع)، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في الشعور بالجوع الجسدي. ومع ذلك، قد تظل الشهية قائمة بسبب عوامل نفسية وعادات سابقة، وهو ما يُعرف بالجوع النفسي أو “جوع الرأس” الذي يتطلب استراتيجيات مختلفة للتعامل معه.

التحديات الشائعة بعد التكميم

على الرغم من التغيرات الهرمونية والجسدية، يواجه الكثير من المرضى تحديات معينة. قد تشمل هذه التحديات الرغبة في تناول الطعام بدافع الملل أو التوتر أو العواطف، بدلاً من الجوع الجسدي الحقيقي. كما أن الرغبة الشديدة في تناول أطعمة معينة، خاصة تلك الغنية بالسكر أو الدهون، قد تستمر. من الضروري التفريق بين الجوع الجسدي الناجم عن حاجة الجسم للطاقة، والجوع العاطفي أو النفسي الذي ينبع من محاولة استخدام الطعام للتعامل مع المشاعر أو المواقف اليومية.

استراتيجيات عملية للتحكم في الشهية

التخطيط للوجبات الصغيرة والمتكررة

للسيطرة الفعالة على الشهية، يُعد تناول وجبات صغيرة ومتكررة على مدار اليوم استراتيجية أساسية. يساعد ذلك على تجنب الشعور بالجوع الشديد الذي قد يدفع إلى الإفراط في تناول الطعام. قسّم وجباتك إلى خمس أو ست وجبات صغيرة بدلاً من ثلاث وجبات كبيرة. احرص على تحضير وجباتك مسبقًا وتحديد أحجام الحصص بدقة باستخدام أطباق صغيرة، وذلك لضمان عدم تجاوز الكميات المسموح بها وتلبية احتياجات جسمك من العناصر الغذائية بانتظام طوال اليوم.

التركيز على البروتين والألياف

يُعد البروتين حجر الزاوية في نظامك الغذائي بعد التكميم، فهو يساهم بشكل كبير في الشعور بالشبع لفترات أطول ويحافظ على الكتلة العضلية. احرص على تضمين مصادر البروتين الخالية من الدهون في كل وجبة، مثل الدجاج والأسماك والبيض والبقوليات ومنتجات الألبان قليلة الدسم. بالإضافة إلى ذلك، تناول الألياف الموجودة في الخضروات غير النشوية والفواكه بقشورها، فهي تعزز الشعور بالامتلاء وتدعم صحة الجهاز الهضمي، مما يساعد في تقليل الرغبة في تناول الطعام.

أهمية الترطيب السليم

غالباً ما يتم الخلط بين الشعور بالعطش والجوع، لذا يُعد الحفاظ على ترطيب الجسم جيداً أمرًا بالغ الأهمية. اشرب كميات كافية من الماء والسوائل الخالية من السعرات الحرارية على مدار اليوم، ولكن تجنب الشرب أثناء الوجبات مباشرة أو قبلها وبعدها بنصف ساعة لتجنب ملء المعدة الصغيرة بالسوائل بدلاً من الطعام المغذي. يساعد الترطيب المنتظم في الشعور بالشبع ويمنع الجفاف الذي قد يُفسر خطأً على أنه جوع، مما يقلل من الرغبة في الأكل الزائد.

مضغ الطعام ببطء ووعي

تناول الطعام بوعي هو أحد أقوى الأدوات للتحكم في الشهية. قم بمضغ كل لقمة ببطء شديد وتذوق الطعام، فهذا يمنح دماغك الوقت الكافي لتلقي إشارات الشبع من المعدة. ضع أدوات المائدة بين اللقمات وتجنب المشتتات مثل التلفزيون أو الهاتف أثناء تناول الطعام. هذه الممارسات لا تساعد فقط على إدراك متى أصبحت ممتلئًا، بل تعزز أيضًا عملية الهضم وتقلل من فرص الإفراط في الأكل الناتج عن الأكل السريع وغير الواعي.

تجنب المحفزات الغذائية

تتضمن عملية السيطرة على الشهية تحديد وتجنب الأطعمة التي تثير لديك الرغبة الشديدة في الأكل أو التي لا تتماشى مع أهدافك الصحية. غالبًا ما تكون هذه الأطعمة غنية بالسكر، الدهون غير الصحية، والكربوهيدرات المكررة. حاول إزالة هذه الأطعمة من منزلك أو قلل من تواجدها قدر الإمكان. عندما تشعر بالرغبة في تناولها، ابحث عن بدائل صحية ومرضية، مثل الفاكهة الطازجة أو المكسرات النيئة أو الزبادي اليوناني. هذا النهج يقلل من فرص الاستسلام للشهية المفرطة.

التعامل مع الجوع النفسي والعاطفي

تحديد المحفزات العاطفية

يلعب الجوع النفسي أو العاطفي دورًا كبيرًا في زيادة الشهية بعد التكميم. لتجاوز ذلك، ابدأ بتحديد المشاعر أو المواقف التي تدفعك لتناول الطعام، مثل التوتر، الملل، الحزن، أو حتى السعادة. يمكنك استخدام دفتر يوميات لتسجيل متى تشعر بالرغبة في الأكل، وما هي مشاعرك في تلك اللحظة، وماذا تأكل. يساعدك هذا الوعي الذاتي على فهم أنماط سلوكك وتحديد المحفزات الرئيسية، مما يمهد الطريق لإيجاد بدائل صحية للتعامل مع هذه المشاعر بدلاً من اللجوء للطعام.

استكشاف بدائل غير غذائية

بمجرد تحديد المحفزات العاطفية، ابدأ في بناء قائمة من الأنشطة البديلة التي يمكنك اللجوء إليها بدلاً من الأكل. عندما تشعر بالملل، حاول ممارسة هواية جديدة، قراءة كتاب، أو الاستماع إلى الموسيقى. إذا كنت متوترًا، جرب تقنيات الاسترخاء مثل التأمل أو اليوجا، أو اذهب في نزهة قصيرة. التواصل مع الأصدقاء أو العائلة، أو ممارسة نشاط بدني خفيف، يمكن أن يكون فعالاً أيضًا في تحويل انتباهك عن الطعام وتلبية احتياجاتك العاطفية بطرق صحية. هذا يكسر حلقة الربط بين العواطف والطعام.

طلب الدعم النفسي والاجتماعي

لا تتردد في طلب المساعدة والدعم عندما تشعر بأن الجوع النفسي أو العاطفي خارج عن سيطرتك. يمكن أن يكون أخصائي العلاج النفسي أو الاستشاري الغذائي المتخصص في جراحات السمنة مصدرًا قيمًا لتعلم آليات التكيف الصحية. الانضمام إلى مجموعات دعم المرضى الذين خضعوا لعمليات التكميم يمكن أن يوفر أيضًا بيئة آمنة للمشاركة وتبادل الخبرات، مما يساعدك على الشعور بأنك لست وحدك في هذه الرحلة وتلقي الدعم والتشجيع من الآخرين الذين يمرون بنفس التجربة.

نمط الحياة وعادات النوم

أهمية النشاط البدني المنتظم

لا يقتصر دور النشاط البدني على حرق السعرات الحرارية فقط، بل يمتد ليشمل تنظيم الهرمونات المسؤولة عن الشهية والمزاج. ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، حتى لو كانت خفيفة مثل المشي اليومي، تساعد في تقليل التوتر والقلق، وهما من المحفزات الرئيسية للجوع العاطفي. ابدأ ببطء وزد شدة ومدى تمريناتك تدريجيًا بعد استشارة طبيبك، فذلك سيساهم في تحسين لياقتك البدنية ويقلل من شهيتك بشكل طبيعي ويعزز شعورك بالرضا.

الحصول على قسط كافٍ من النوم

للنوم تأثير مباشر على الهرمونات التي تنظم الشهية، مثل الليبتين (هرمون الشبع) والجريلين (هرمون الجوع). عندما لا تحصل على قسط كافٍ من النوم، يرتفع مستوى الجريلين وينخفض مستوى الليبتين، مما يؤدي إلى زيادة الشعور بالجوع والرغبة الشديدة في تناول الكربوهيدرات والسكريات. احرص على النوم لمدة تتراوح بين 7 إلى 9 ساعات كل ليلة. تحسين عادات النوم يمكن أن يكون له تأثير كبير على قدرتك على التحكم في شهيتك ومستويات طاقتك بشكل عام.

المتابعة الطبية والتغذوية

دور أخصائي التغذية

بعد جراحة التكميم، يُعد التعاون المستمر مع أخصائي التغذية أمرًا حيويًا. يمكن لأخصائي التغذية تصميم خطة غذائية مخصصة تلبي احتياجاتك الفريدة، مع الأخذ في الاعتبار قدرتك على تحمل أنواع معينة من الطعام وضمان حصولك على كافة الفيتامينات والمعادن الضرورية. يقدمون إرشادات حول أحجام الحصص، تركيبات الوجبات، وكيفية التعامل مع أي تحديات غذائية، مما يساعدك على الحفاظ على نظام غذائي متوازن يساهم في التحكم في الشهية ويمنع أي نقص غذائي.

الفحوصات الدورية

تعد الفحوصات الطبية الدورية أمرًا لا غنى عنه بعد عملية التكميم لمراقبة تقدمك الصحي وضمان عدم وجود أي مضاعفات أو نقص في الفيتامينات والمعادن. يقوم طبيبك بتقييم حالتك العامة، وقد يطلب تحاليل دم دورية للتحقق من مستويات المغذيات. هذه المتابعة المنتظمة تضمن اكتشاف أي مشكلات محتملة في وقت مبكر والتعامل معها بفعالية، مما يساهم في الحفاظ على صحتك العامة ودعم جهودك في التحكم في الشهية والوزن على المدى الطويل.

Mena

كاتب ومحرر بموقع هاو منذ عام 2014.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock