التنمية البشريةصحة وطبكيفية

كيفية التفاعل مع مرضى الأورام دون إشعارهم بالشفقة

كيفية التفاعل مع مرضى الأورام دون إشعارهم بالشفقة

دليلك لتقديم الدعم الحقيقي بدلاً من الشفقة المؤذية

عندما يواجه شخص عزيز علينا تشخيصًا بمرض الورم أو السرطان، فإن أول رد فعل طبيعي هو الرغبة في المساعدة والدعم. لكن في كثير من الأحيان، قد يتحول هذا الدعم إلى شفقة، وهو شعور يمكن أن يكون مؤذيًا للمريض أكثر من كونه مفيدًا. الشفقة تجعل المريض يشعر بالضعف والعجز، وتسلبه إحساسه بالحياة الطبيعية. هذا المقال يقدم لك دليلًا عمليًا وخطوات واضحة للتفاعل مع مرضى الأورام بطريقة تعزز من قوتهم وتحافظ على كرامتهم، وتقدم لهم الدعم الذي يحتاجونه بالفعل دون أن يشعروا بأنهم عبء أو حالة مثيرة للشفقة.

فهم طبيعة الموقف: لماذا الشفقة ليست الحل؟

التأثير النفسي للشفقة على المريض

كيفية التفاعل مع مرضى الأورام دون إشعارهم بالشفقةالشفقة ترسل رسالة سلبية للمريض مفادها أنه ضحية وعاجز. هذا الشعور يقلل من تقديرهم لذاتهم ويجعلهم يشعرون بأن هويتهم قد اختُزلت في مرضهم فقط. بدلاً من أن يكونوا أصدقاء أو أفراد عائلة، يصبحون مجرد “مرضى”. هذا يمكن أن يؤدي إلى العزلة والاكتئاب، ويعيق قدرتهم على التعامل مع المرض بشكل إيجابي. الدعم الحقيقي يأتي من معاملتهم كأشخاص كاملين، مع الاعتراف بصعوبة ما يمرون به ولكن دون تجريدهم من قوتهم واستقلاليتهم.

الفرق بين التعاطف والشفقة

من الضروري التمييز بين التعاطف والشفقة. التعاطف هو القدرة على فهم ومشاركة مشاعر الشخص الآخر، وأن تقول له “أنا أفهم أن هذا صعب، وأنا هنا بجانبك”. أما الشفقة فهي الشعور بالأسف على الشخص، كأنك تقول “يا مسكين، أنا حزين من أجلك”. التعاطف يبني جسورًا من التواصل والتفاهم، بينما الشفقة تبني حواجز من العزلة. عندما تتعاطف، فأنت تقف إلى جانبهم في مواجهة التحدي، لكن عندما تشفق، فأنت تنظر إليهم من بعيد وكأنهم في حفرة لا يستطيعون الخروج منها.

خطوات عملية للتفاعل الإيجابي والداعم

كن مستمعًا جيدًا

أحد أفضل أشكال الدعم التي يمكنك تقديمها هو الاستماع. اترك لهم المساحة للتحدث عن مشاعرهم وتجاربهم إذا أرادوا ذلك، أو حتى للتحدث عن أمور لا علاقة لها بالمرض على الإطلاق. لا تقاطعهم لتقديم حلول أو قصص مشابهة. أحيانًا، كل ما يحتاجه المريض هو شخص يستمع إليه دون إصدار أحكام. اطرح أسئلة مفتوحة مثل “كيف تشعر اليوم؟” بدلاً من افتراض حالته. الاستماع الفعال يظهر لهم أنك تهتم بهم كأشخاص وليس فقط كمرضى.

تحدث عن أمور طبيعية

لا تجعل كل محادثاتك معهم تدور حول المرض والعلاج. يحتاج المرضى بشدة إلى الشعور بالحياة الطبيعية والعودة إلى الروتين اليومي قدر الإمكان. تحدث معهم عن عملك، عن فيلم جديد شاهدته، عن خططك لعطلة نهاية الأسبوع، أو عن اهتماماتكم المشتركة. هذا يساعدهم على الهروب من التفكير المستمر في حالتهم الصحية ويذكرهم بأنهم لا يزالون جزءًا من العالم الخارجي، وأن لديهم اهتمامات وهوايات تتجاوز كونهم مرضى.

احترم خصوصيتهم وقراراتهم

مرضى الأورام يتلقون الكثير من المعلومات والقرارات التي يجب عليهم اتخاذها. من المهم احترام خصوصيتهم وعدم الضغط عليهم لمشاركة تفاصيل لا يرغبون في مناقشتها، مثل نتائج الفحوصات أو تفاصيل العلاج. كذلك، احترم قراراتهم المتعلقة بالعلاج أو نمط الحياة حتى لو لم تتفق معها. دورك هو أن تكون داعمًا لا أن تكون مديرًا لحالتهم الصحية. ثقتك في قدرتهم على اتخاذ قراراتهم الخاصة تعزز من شعورهم بالسيطرة على حياتهم.

طرق عملية لتقديم المساعدة دون إشعارهم بالعجز

قدم عروضًا محددة للمساعدة

عبارة “أخبرني إذا احتجت أي شيء” غالبًا ما تكون غير فعالة، لأنها تضع عبء طلب المساعدة على المريض. بدلاً من ذلك، قدم عروضًا محددة وعملية. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: “أنا ذاهب إلى المتجر، هل تحتاج شيئًا؟” أو “سأقوم بإعداد وجبة إضافية يوم الأربعاء، هل يمكنني إحضارها لك؟” أو “لدي وقت فراغ يوم الخميس، هل تحتاج من يوصلك إلى موعدك؟”. هذه العروض المحددة أسهل في القبول وتظهر اهتمامًا حقيقيًا وعمليًا.

المساعدة في المهام اليومية

العلاج يمكن أن يكون مرهقًا جسديًا وعقليًا، مما يجعل المهام اليومية البسيطة تبدو صعبة للغاية. يمكنك تقديم مساعدة كبيرة من خلال تولي بعض هذه المهام. اعرض المساعدة في تنظيف المنزل، أو الاعتناء بالحديقة، أو رعاية الأطفال لبضع ساعات، أو اصطحاب حيواناتهم الأليفة في نزهة. هذه المساعدات العملية تخفف عنهم عبئًا كبيرًا وتمنحهم وقتًا ثمينًا للراحة والتعافي دون أن يشعروا بأنهم يطلبون صدقة.

أمور يجب تجنبها تمامًا

تجنب المقارنات وقصص الآخرين

من المغري أحيانًا محاولة طمأنة المريض من خلال سرد قصة شخص آخر تعرفه مر بنفس التجربة وتماثل للشفاء. ومع ذلك، فإن كل حالة فريدة من نوعها، وهذه القصص يمكن أن تخلق ضغطًا غير ضروري أو توقعات غير واقعية. قد يشعر المريض أنك تقلل من شأن معاناته الشخصية. بدلًا من ذلك، ركز على تجربتهم هم وحدهم، واستمع إلى ما يمرون به دون مقارنته بتجارب الآخرين.

لا تقدم نصائح طبية غير مطلوبة

لدى المريض فريق طبي متخصص يقدم له المشورة الطبية. تجنب تمامًا تقديم نصائح حول علاجات بديلة أو مكملات غذائية أو أنظمة حمية سمعت عنها من مصدر غير موثوق. حتى لو كانت نيتك حسنة، فإن هذه النصائح قد تكون خطيرة أو تتعارض مع خطة علاجهم الرسمية. اترك الأمور الطبية للمختصين، وركز دورك على الدعم العاطفي والعملي الذي يمكنك تقديمه بأمان.

Dr. Merna

كاتب ومحرر بموقع هاو منذ عام 2017.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock