التقنيةالكمبيوتر والانترنتكيفية

كيفية إعداد نظام مراقبة الأداء للشبكات اللاسلكية

كيفية إعداد نظام مراقبة الأداء للشبكات اللاسلكية

ضمان كفاءة واستقرار شبكتك اللاسلكية

في عالمنا المتصل، أصبحت الشبكات اللاسلكية العمود الفقري للتواصل والعمل والترفيه.
ولكن مع الاعتماد المتزايد عليها، تبرز الحاجة الماسة لضمان أدائها الأمثل واستقرارها.
إن ضعف أداء الشبكة يمكن أن يؤثر سلبًا على الإنتاجية وتجربة المستخدم، مما يستدعي إعداد نظام فعال لمراقبة الأداء.
هذا المقال يقدم دليلاً شاملاً وخطوات عملية لإعداد مثل هذا النظام.

فهم أساسيات مراقبة الشبكات اللاسلكية

لماذا تحتاج لمراقبة شبكتك؟

كيفية إعداد نظام مراقبة الأداء للشبكات اللاسلكية
تتأثر الشبكات اللاسلكية بالكثير من العوامل التي تؤدي إلى تدهور أدائها.
من أهم هذه العوامل التداخل من الشبكات المجاورة، أو الأجهزة الإلكترونية الأخرى، والتغطية غير الكافية في مناطق معينة، والحمل الزائد على الشبكة نتيجة كثرة المستخدمين أو التطبيقات المستهلكة للنطاق الترددي.

تؤثر هذه المشاكل بشكل مباشر على سرعة الاتصال وجودته، مما يؤدي إلى بطء في تصفح الإنترنت، وتقطيع في المكالمات المرئية، وتأخير في استجابة التطبيقات.
المراقبة المنتظمة تساعد في تحديد هذه المشاكل قبل أن تتفاقم وتؤثر على العمليات الحيوية، مما يضمن استمرارية الأعمال ورضا المستخدمين.

مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs)

لفهم أداء الشبكة، يجب التركيز على مؤشرات محددة. معدل نقل البيانات (Throughput) يقيس كمية البيانات التي يمكن نقلها عبر الشبكة في فترة زمنية معينة، وهو مؤشر مباشر لسرعة الشبكة.
يعتبر هذا المؤشر حاسماً لتقييم كفاءة الشبكة في التعامل مع حجم البيانات المتدفقة.

كمون الشبكة (Latency) يمثل الوقت الذي تستغرقه الحزمة للانتقال من نقطة لأخرى، بينما معدل فقدان الحزم (Packet Loss) يشير إلى عدد الحزم التي لم تصل إلى وجهتها.
تؤثر هاتان القيمتان بشكل كبير على جودة الاتصالات في الوقت الفعلي مثل المكالمات الصوتية والمرئية والألعاب عبر الإنترنت.

قوة الإشارة (Signal Strength) أمر حيوي لضمان اتصال مستقر وسريع.
كلما كانت الإشارة أضعف، زادت احتمالية حدوث انقطاعات وبطء في الأداء.
يجب أيضًا مراقبة عدد الأجهزة المتصلة بالشبكة في أي وقت، واستخدام النطاق الترددي (Bandwidth Utilization) لمعرفة ما إذا كانت الشبكة تحت الضغط أو لا.

اختيار الأدوات المناسبة لمراقبة الشبكة اللاسلكية

أدوات مجانية ومفتوحة المصدر

هناك العديد من الأدوات المجانية والمفتوحة المصدر التي توفر إمكانيات ممتازة لمراقبة الشبكات اللاسلكية.
يعتبر Wireshark أداة قوية لتحليل الحزم، حيث يسمح بالتقاط وتحليل حركة المرور على الشبكة بعمق، مما يساعد في تحديد المشاكل الدقيقة على مستوى البروتوكولات.

تعد Nagios و Zabbix من أنظمة المراقبة الشاملة التي يمكن تخصيصها لمراقبة الشبكات اللاسلكية من خلال إضافة مكونات إضافية.
توفر هذه الأنظمة لوحات تحكم مرنة وقدرات تنبيه متقدمة.
بالإضافة إلى ذلك، توجد برامج مسح شبكات Wi-Fi مفتوحة المصدر مثل NetSpot Free و inSSIDer Home التي تساعد في تحليل التغطية وتحديد التداخل.

أدوات تجارية متخصصة

للبيئات الكبيرة أو التي تتطلب ميزات أكثر تقدمًا ودعمًا فنيًا، قد تكون الأدوات التجارية هي الخيار الأفضل.
SolarWinds Network Performance Monitor يوفر مراقبة شاملة لأداء الشبكة، بما في ذلك الشبكات اللاسلكية، مع تحليل متعمق للسبب الجذري للمشكلات.

PRTG Network Monitor هي أداة أخرى شهيرة تقدم مجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار لمراقبة كل جانب من جوانب الشبكة، بما في ذلك أداء Wi-Fi.
كما توفر Cisco Prime Infrastructure حلولاً متكاملة لإدارة ومراقبة شبكات Cisco اللاسلكية.
عند اختيار أداة تجارية، يجب مقارنة الميزات مع الاحتياجات والميزانية المتاحة للمؤسسة.

خطوات عملية لإعداد نظام المراقبة

تحديد أهداف المراقبة

قبل البدء في إعداد أي نظام مراقبة، من الضروري تحديد الأهداف بوضوح.
ما الذي تريد قياسه بالضبط؟ هل تركز على تغطية الشبكة، أم سرعتها، أم استقرار الاتصال، أم جميع هذه الجوانب؟
تحديد الأهداف يساعد في اختيار الأدوات المناسبة وتكوينها بشكل فعال.

بعد تحديد الأهداف، يجب وضع عتبات تحذيرية لكل مؤشر أداء رئيسي (KPI).
على سبيل المثال، تحديد مستوى معين لقوة الإشارة لا يجب أن يقل عنه، أو حد أقصى لمعدل فقدان الحزم.
عند تجاوز هذه العتبات، يجب أن يقوم النظام بإرسال تنبيهات، مما يتيح التدخل السريع قبل تفاقم المشكلة.

نشر مجسات المراقبة (Sensors)

يمكن نشر مجسات المراقبة بعدة طرق.
تتيح نقاط الوصول اللاسلكية الذكية الحديثة غالبًا إمكانيات مراقبة مدمجة، حيث يمكنها جمع بيانات الأداء وإرسالها إلى نظام المراقبة المركزي.
هذا يبسط عملية النشر ويقلل من الحاجة إلى أجهزة إضافية.

في بعض الحالات، قد تحتاج إلى أجهزة مراقبة مخصصة يتم وضعها في مناطق مختلفة من الشبكة لجمع بيانات أكثر دقة، خاصة في البيئات الكبيرة أو المعقدة.
يمكن أيضًا الاعتماد على بروتوكولات مثل SNMP (Simple Network Management Protocol) أو WMI (Windows Management Instrumentation) لجمع البيانات من الأجهزة المتصلة بالشبكة.

جمع وتحليل البيانات

بعد نشر المجسات، سيبدأ النظام في جمع البيانات باستمرار.
يجب أن يوفر نظام المراقبة لوحات تحكم (Dashboards) سهلة الاستخدام لتصور هذه البيانات بشكل مرئي، مما يسهل فهم حالة الشبكة في لمحة سريعة.
يمكن أن تتضمن هذه اللوحات رسومًا بيانية للسرعة، قوة الإشارة، وعدد الأجهزة.

بالإضافة إلى لوحات التحكم، يجب أن يقوم النظام بتسجيل جميع الأحداث والتنبيهات في سجلات (Logs) يمكن الرجوع إليها لاحقًا لتحليل المشاكل.
يساعد تحليل الاتجاهات التاريخية للبيانات في فهم الأنماط السلوكية للشبكة والتنبؤ بالمشكلات المحتملة قبل حدوثها، مما يتيح اتخاذ إجراءات استباقية.

التكوين والإعداد الأولي للأدوات

تتضمن هذه الخطوة تثبيت أداة المراقبة المختارة، سواء كانت مجانية أو تجارية.
بعد التثبيت، يتم إضافة الأجهزة التي سيتم مراقبتها إلى النظام، مثل نقاط الوصول والموجهات والخوادم.
يجب تكوين كل جهاز بشكل صحيح لضمان جمع البيانات المطلوبة.

تعد عملية تكوين التنبيهات جزءًا حيويًا من الإعداد.
يجب تحديد شروط محددة لإطلاق التنبيهات (مثل انخفاض قوة الإشارة تحت مستوى معين أو تجاوز استخدام النطاق الترددي لحد معين) وتحديد كيفية إرسال هذه التنبيهات (بريد إلكتروني، رسائل نصية، إشعارات).
هذا يضمن أن يتم إبلاغ المسؤولين فورًا بأي مشكلة.

تحليل وتفسير بيانات الأداء واتخاذ الإجراءات

تشخيص مشاكل الأداء الشائعة

بمجرد جمع البيانات، يأتي دور تحليلها لتشخيص المشكلات.
إذا أظهرت البيانات ضعفًا في الإشارة أو تغطية غير كافية في مناطق معينة، فالحلول تتضمن إعادة وضع نقاط الوصول في أماكن استراتيجية، أو إضافة نقاط وصول جديدة لزيادة التغطية، أو استخدام مقويات الإشارة.

في حال وجود تداخل من شبكات لاسلكية أخرى أو أجهزة إلكترونية، يمكن حل المشكلة بتغيير القنوات اللاسلكية المستخدمة إلى قنوات أقل ازدحامًا، خاصةً في نطاق 5GHz الذي يوفر قنوات أكثر وأقل تداخلاً.
الحمل الزائد على الشبكة قد يتطلب ترقية البنية التحتية، أو تنفيذ سياسات لإدارة عرض النطاق الترددي (Bandwidth Management) لتوزيع الموارد بشكل عادل.

مشاكل التكوين يمكن أن تشمل إعدادات أمان غير صحيحة، أو سياسات جودة الخدمة (QoS) غير فعالة.
مراجعة هذه الإعدادات وتعديلها يضمن أن الشبكة تعمل بكفاءة وأمان، وأن التطبيقات الحيوية تحصل على الأولوية المطلوبة في عرض النطاق الترددي.

تحسين الأداء بناءً على البيانات

لا يقتصر دور المراقبة على اكتشاف المشكلات فقط، بل يمتد إلى توفير البيانات اللازمة لاتخاذ قرارات التحسين.
على سبيل المثال، يمكن لجدولة تحديثات البرامج الثابتة لنقاط الوصول أن تحسن من أدائها واستقرارها وتضيف ميزات جديدة، بناءً على توصيات الشركة المصنعة.

إدارة جودة الخدمة (QoS) تتيح لك إعطاء الأولوية لتطبيقات معينة (مثل VoIP أو الفيديو) على حساب أخرى، مما يضمن أداءً سلسًا للتطبيقات الحيوية حتى في أوقات الذروة.
تخصيص القنوات اللاسلكية بشكل ديناميكي بناءً على تحليل التداخل يمكن أن يقلل من الصراعات ويزيد من كفاءة الشبكة.

تطبيق موازنة الحمل (Load Balancing) بين نقاط الوصول يضمن توزيع الأجهزة المتصلة بشكل متساوٍ، مما يمنع نقطة وصول واحدة من أن تصبح مثقلة بالعمل وتتأثر كفاءتها، وبالتالي يضمن تجربة مستخدم أفضل لجميع المتصلين بالشبكة.

حلول إضافية ونصائح لتحسين مراقبة الشبكة اللاسلكية

المراقبة الاستباقية مقابل التفاعلية

المراقبة الاستباقية تعني إعداد تنبيهات فورية للمشكلات المحتملة قبل أن تؤثر على المستخدمين.
على سبيل المثال، إذا بدأت قوة الإشارة في الانخفاض تدريجيًا، يمكن لنظام المراقبة تنبيهك قبل أن تصبح الإشارة ضعيفة جدًا بحيث تؤدي إلى انقطاع الاتصال.

هذا يختلف عن المراقبة التفاعلية التي تتطلب أن تحدث المشكلة أولاً قبل اكتشافها والبدء في حلها.
من خلال مراقبة الاتجاهات التاريخية للبيانات، يمكن التنبؤ بالأعطال المحتملة في المستقبل واتخاذ إجراءات وقائية لمنعها، مما يوفر وقتًا وجهدًا كبيرين.

توثيق الشبكة وتحديثها

يعد توثيق تصميم الشبكة، بما في ذلك خرائط التغطية اللاسلكية، وتحديد مواقع نقاط الوصول، أمرًا حيويًا لإدارة وصيانة فعالة.
يجب أن تتضمن هذه الوثائق أيضًا سجلات لجميع التغييرات التي أجريت على الشبكة، مثل إضافة أو إزالة الأجهزة، أو تعديل التكوينات.

تساعد هذه السجلات في تتبع المشكلات وتحديد سببها بسرعة أكبر في حال حدوثها.
تحديث الوثائق بانتظام يضمن أنها تعكس دائمًا الحالة الحالية للشبكة، مما يسهل على أي فني أو مسؤول فهم الشبكة والتعامل معها بفعالية.

استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي (AI/ML)

مع التطور التكنولوجي، بدأت تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي تلعب دورًا متزايد الأهمية في مراقبة الشبكات.
يمكن لهذه التقنيات تحليل كميات هائلة من البيانات للكشف عن أنماط غير طبيعية أو سلوكيات شاذة قد تشير إلى مشاكل وشيكة.

يمكن لأنظمة المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التنبؤ بالمشاكل واقتراح حلول تلقائية، مما يحسن الكفاءة التشغيلية ويقلل من التدخل البشري.
على الرغم من أن هذه التقنيات قد تكون أكثر تعقيدًا في التنفيذ، إلا أنها تمثل مستقبل إدارة الشبكات الذكية.

الخلاصة

إن إعداد نظام فعال لمراقبة الأداء للشبكات اللاسلكية لم يعد رفاهية بل ضرورة قصوى.
من خلال فهم أساسيات المراقبة، واختيار الأدوات المناسبة، واتباع خطوات عملية دقيقة، يمكنك ضمان استقرار وكفاءة شبكتك اللاسلكية.

تذكر أن المراقبة هي عملية مستمرة تتطلب تحليلاً وتفسيرًا للبيانات، واتخاذ إجراءات تصحيحية وتحسينية بشكل دوري.
الالتزام بالتحسين المستمر سيبقي شبكتك في أفضل حالاتها، ويوفر تجربة مستخدم ممتازة للجميع.

Dr. Mena

كاتب ومحرر بموقع هاو منذ عام 2016.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock