التنمية البشريةصحة وطبكيفية

كيفية إخبار الأطفال بوجود ورم في أحد الوالدين

كيفية إخبار الأطفال بوجود ورم في أحد الوالدين

إعداد الأجواء المناسبة لحديث صعب ولكن ضروري

يعد إخبار الطفل بمرض أحد والديه من أصعب المحادثات التي يمكن أن يمر بها أي شخص. الخوف من إيذاء مشاعرهم أو إثارة قلقهم قد يدفع البعض إلى التأجيل أو التستر على الحقيقة. لكن الصدق والشفافية، عند تقديمها بالطريقة الصحيحة، هي حجر الأساس لبناء الثقة ومساعدة الطفل على التأقلم مع الوضع الجديد. هذا المقال يقدم لك خطوات عملية ومنهجية لإدارة هذه المحادثة الحساسة وتقديم الدعم اللازم لطفلك خلال هذه الفترة الصعبة، مع مراعاة الاختلافات في طريقة الاستيعاب حسب المرحلة العمرية.

التحضير للمحادثة: خطوات أساسية قبل الحديث

تحديد الوقت والمكان المناسبين

كيفية إخبار الأطفال بوجود ورم في أحد الوالديناختيار التوقيت والمكان المناسبين هو الخطوة الأولى لضمان بداية هادئة للمحادثة. اختر وقتًا يكون فيه الجميع هادئًا وغير متعب أو جائع. يفضل أن يكون في نهاية الأسبوع حيث لا توجد التزامات مدرسية أو أنشطة أخرى في اليوم التالي، مما يتيح وقتًا كافيًا لاستيعاب الخبر وطرح الأسئلة. يجب أن يكون المكان خاصًا ومألوفًا للطفل، مثل غرفة المعيشة أو أي مكان يشعر فيه بالأمان والراحة. تأكد من إغلاق التلفاز ووضع الهواتف على الوضع الصامت لتجنب أي مقاطعات قد تشتت الانتباه وتكسر جو الثقة الذي تحاول بناءه.

الاتفاق بين الوالدين على ما سيقال

قبل الحديث مع الطفل، من الضروري أن يجلس الوالدان معًا ويتفقا على الرسائل الأساسية التي سيتم نقلها. هذا الاتفاق يضمن تقديم جبهة موحدة ويزيل أي ارتباك قد ينشأ عن تناقض المعلومات. حددا من سيبدأ الحديث وكيف سيتم شرح الموقف بكلمات بسيطة وواضحة. اتفقا على المصطلحات التي ستستخدمونها، وعلى الإجابات المحتملة للأسئلة المتوقعة. وجود خطة واضحة يمنحكما الثقة ويساعد على بقاء المحادثة مركزة وهادفة، ويؤكد للطفل أن والديه يتعاملان مع الموقف كفريق واحد متكاتف.

جمع المعلومات الطبية المبسطة

ليس مطلوبًا منك أن تكون خبيرًا طبيًا، لكن من المهم أن تكون ملمًا ببعض المعلومات الأساسية المبسطة حول المرض. اعرف اسم الورم، ومكانه في الجسم، والخطة العلاجية بشكل عام. جهز إجابات بسيطة لأسئلة مثل “ما هو الورم؟” أو “ماذا سيفعل الأطباء؟”. يمكنك استخدام تشبيهات بسيطة مثل “الورم هو كتلة من الخلايا التي نمت في مكان لا تنتمي إليه” أو “الدواء سيساعد على تقليص هذه الكتلة”. الهدف هو تقديم معلومات كافية وصادقة دون إغراق الطفل بتفاصيل طبية معقدة ومخيفة قد لا يفهمها.

كيفية إيصال الخبر: طرق عملية حسب عمر الطفل

مرحلة ما قبل المدرسة (3-5 سنوات)

الأطفال في هذه المرحلة يفكرون بشكل ملموس وحرفي. استخدم لغة بسيطة جدًا ومباشرة. يمكنك القول “ماما لديها مرض يسمى ورم في بطنها، وهو ما يجعلها تشعر بالتعب. الأطباء سيساعدونها لتتحسن”. ركز على طمأنة الطفل بأن المرض ليس معديًا وأنه ليس خطأه أبدًا. الأطفال في هذا العمر غالبًا ما يلومون أنفسهم. أكد له أنه سيظل هناك من يعتني به ويحبه. من المهم أيضًا توضيح أي تغييرات ملموسة ستحدث، مثل “قد أحتاج للذهاب إلى المستشفى لبعض الوقت، لكن الجدة ستبقى معك”.

مرحلة المدرسة الابتدائية (6-12 سنة)

في هذا العمر، يمكن للأطفال فهم مفاهيم أكثر تعقيدًا. يمكنك استخدام كلمة “ورم” أو حتى “سرطان” إذا كان ذلك مناسبًا، وشرحها ببساطة. كن مستعدًا لأسئلة أكثر تفصيلاً حول العلاج وآثاره الجانبية. على سبيل المثال، يمكنك القول “سآخذ دواء قوياً لمحاربة المرض، وهذا الدواء قد يجعل شعري يتساقط، لكنه سينمو مجددًا”. شجعهم على طرح الأسئلة وكن صريحًا في إجاباتك. إذا كنت لا تعرف إجابة، فمن الأفضل أن تقول “هذا سؤال جيد، دعنا نبحث عن إجابته معًا” بدلاً من اختلاق إجابة.

مرحلة المراهقة (13-18 سنة)

يحتاج المراهقون إلى معلومات صادقة وكاملة، ويمكنهم التعامل مع التفاصيل الطبية بشكل أفضل. عاملهم كجزء من الفريق وشاركهم المعلومات كما لو كنت تتحدث مع شخص بالغ. قد تكون ردود أفعالهم معقدة، وتتراوح بين الصمت والغضب والخوف على المستقبل. كن منفتحًا لمناقشة مخاوفهم العميقة، مثل التأثير على حياة الأسرة المادية أو خططهم المستقبلية. احترم حاجتهم للمساحة الشخصية ولكن أكد لهم أنك موجود دائمًا للتحدث والاستماع. إشراكهم في بعض المسؤوليات البسيطة قد يساعدهم على الشعور بالسيطرة والفائدة.

التعامل مع ردود الفعل وتقديم الدعم المستمر

توقع ردود الفعل المختلفة وتقبلها

ردود فعل الأطفال تختلف بشكل كبير. قد يبكي البعض، بينما قد يغضب آخرون أو ينكرون الموقف أو لا يظهرون أي رد فعل على الإطلاق. كل هذه المشاعر طبيعية وصحيحة. مهمتك هي تقبل رد فعل طفلك دون حكم. لا تقل له “لا تبكِ” أو “لا تغضب”. بدلاً من ذلك، اعترف بمشاعره وقل “أنا أفهم أن هذا الخبر محزن” أو “من الطبيعي أن تشعر بالغضب”. الصمت أيضًا رد فعل شائع، امنح الطفل الوقت والمساحة لمعالجة المعلومات، وأكد له أنك جاهز للتحدث متى ما كان مستعدًا.

طرق عملية لتقديم الدعم النفسي

الدعم النفسي لا يقتصر على الكلمات فقط. العناق والوجود الجسدي والتواصل البصري يمكن أن يكونوا أكثر طمأنة من أي شيء آخر. خصص وقتًا يوميًا لطفلك بعيدًا عن الحديث عن المرض، للعب أو القراءة أو مجرد التواجد معًا. شجع طفلك على التعبير عن مشاعره من خلال الرسم أو الكتابة أو أي نشاط إبداعي آخر. كن مستمعًا جيدًا، ودعه يقود المحادثة عندما يريد التحدث عن مخاوفه. طمأنه باستمرار بأنه محبوب وأن الأسرة ستواجه هذا التحدي معًا كفريق واحد.

الحفاظ على الروتين اليومي قدر الإمكان

في خضم الفوضى التي يمكن أن يسببها المرض، يوفر الروتين اليومي شعورًا بالاستقرار والأمان للطفل. حاول قدر الإمكان الحفاظ على مواعيد النوم والوجبات والواجبات المدرسية والأنشطة الترفيهية. إذا كانت هناك تغييرات ضرورية، مثل حاجة شخص آخر لتوصيله من المدرسة، فأخبره بذلك مسبقًا. إن الحفاظ على هيكل يومي طبيعي يرسل رسالة قوية للطفل بأن الحياة مستمرة، وأنه على الرغم من وجود تحدٍ كبير، إلا أن هناك جوانب في حياته لا تزال ثابتة ويمكن الاعتماد عليها، مما يقلل من شعوره بالقلق.

عناصر إضافية وحلول مساعدة

الاستعانة بالمتخصصين النفسيين

لا تتردد أبدًا في طلب المساعدة المتخصصة. الأخصائي النفسي للأطفال أو المرشد الأسري يمكن أن يقدم دعماً لا يقدر بثمن لك ولطفلك. هؤلاء الخبراء مدربون على مساعدة الأطفال على التعامل مع الأزمات الكبرى ويمكنهم تزويدكم باستراتيجيات وأدوات للتواصل والتأقلم. يمكنهم توفير مساحة آمنة للطفل للتعبير عن مشاعره التي قد لا يشعر بالراحة في مشاركتها معك. كما يمكنهم مساعدتك كوالد في إدارة ضغوطك الخاصة، مما يجعلك أكثر قدرة على دعم أطفالك بفعالية.

استخدام الكتب والقصص المصورة

تعتبر الكتب والقصص المصورة التي تتناول موضوع مرض أحد الوالدين أداة ممتازة لبدء المحادثة ومساعدة الأطفال على فهم ما يحدث. هذه الموارد غالبًا ما تستخدم لغة وصورًا مبسطة لشرح المفاهيم المعقدة بطريقة مناسبة لأعمارهم. قراءة قصة معًا يمكن أن تفتح الباب أمام الأسئلة وتساعد الطفل على إدراك أنه ليس الوحيد الذي يمر بهذه التجربة. ابحث في المكتبات أو عبر الإنترنت عن كتب موصى بها تتناسب مع عمر طفلك وطبيعة الموقف الذي تواجهونه.

أهمية الصدق وتجنب الوعود الكاذبة

الثقة هي أهم شيء في علاقتك بطفلك، خاصة في أوقات الأزمات. من الضروري أن تكون صادقًا دائمًا. تجنب إعطاء وعود لا يمكنك ضمان تحقيقها، مثل “كل شيء سيعود إلى طبيعته قريبًا” أو “أعدك بأنني سأشفى تمامًا”. هذه الوعود قد تتحطم وتسبب ألمًا وخيبة أمل أكبر لاحقًا. بدلًا من ذلك، ركز على الصدق الممزوج بالأمل. يمكنك القول “أنا لا أعرف ما سيحدث بالضبط، لكن الأطباء وأنا سنفعل كل ما في وسعنا. وأهم شيء هو أننا سنواجه هذا معًا”.

Dr. Merna

كاتب ومحرر بموقع هاو منذ عام 2017.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock