صحة وطبكيفية

كيفية التحكم في الوزن بعد العملية القلبية

كيفية التحكم في الوزن بعد العملية القلبية

الحفاظ على صحتك وقلبك بعد الجراحة

تُعد عملية القلب الجراحية نقطة تحول كبيرة في حياة المريض، وتتطلب فترة تعافٍ دقيقة تشمل العديد من التغييرات في نمط الحياة. من بين أهم هذه التغييرات وأكثرها تأثيرًا على المدى الطويل، يأتي التحكم في الوزن. فالحفاظ على وزن صحي بعد الجراحة ليس مجرد هدف جمالي، بل هو ضرورة حيوية لضمان استمرارية صحة القلب والوقاية من المضاعفات المستقبلية. تهدف هذه المقالة إلى تقديم دليل شامل وخطوات عملية لمساعدتك على إدارة وزنك بفعالية بعد العملية القلبية، لتعيش حياة صحية ونشطة.

فهم التحديات والمخاطر

أسباب زيادة الوزن بعد الجراحة القلبية

تُعد زيادة الوزن بعد الجراحة القلبية أمرًا شائعًا لعدة أسباب. قد يجد المرضى صعوبة في ممارسة النشاط البدني بسبب الألم أو الإرهاق خلال فترة التعافي الأولية. الأدوية الموصوفة بعد الجراحة، مثل الستيرويدات، يمكن أن تساهم أيضًا في احتباس السوائل وزيادة الوزن. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي التوتر والقلق المتعلق بالتعافي إلى تغييرات في عادات الأكل، مثل الأكل العاطفي.

مخاطر السمنة على صحة القلب المتعافى

تشكل السمنة خطرًا كبيرًا على صحة القلب، خاصة بعد الخضوع لعملية جراحية. تزيد السمنة من الضغط على القلب والأوعية الدموية، مما قد يؤدي إلى تفاقم حالات موجودة أو ظهور مشاكل جديدة. يمكن أن تزيد من خطر ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وارتفاع الكوليسترول، وكلها عوامل تضر بالقلب. كما تقلل السمنة من فعالية الجراحة وتزيد من احتمالية حدوث مضاعفات مستقبلية، مثل انسداد الشرايين مرة أخرى.

الاستراتيجيات الغذائية للتحكم بالوزن

النظام الغذائي المتوازن والصحي للقلب

يعتبر النظام الغذائي الصحي المتوازن حجر الزاوية في التحكم بالوزن بعد عملية القلب. يجب أن يركز على الأطعمة الكاملة وغير المصنعة. يشمل ذلك الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون. يهدف هذا النظام إلى تزويد الجسم بالعناصر الغذائية الضرورية مع الحفاظ على سعرات حرارية معتدلة.

عملية 1: تقليل الصوديوم والدهون المشبعة

لتقليل الصوديوم، تجنب الأطعمة المصنعة والمعلبة قدر الإمكان. اختر الأعشاب والتوابل لتنكيه الطعام بدلاً من الملح. عند التسوق، اقرأ الملصقات الغذائية جيدًا واختر المنتجات قليلة الصوديوم. أما لتقليل الدهون المشبعة، فاستبدل اللحوم الحمراء الدهنية بالدواجن منزوعة الجلد أو الأسماك. استخدم زيوت نباتية صحية مثل زيت الزيتون بدلاً من الزبدة أو السمن.

عملية 2: زيادة الألياف والخضروات والفواكه

زد من كمية الألياف في نظامك الغذائي بتناول المزيد من الحبوب الكاملة مثل الشوفان والأرز البني. تناول مجموعة متنوعة من الخضروات الورقية مثل السبانخ والبروكلي، والفواكه الطازجة مثل التفاح والتوت. هذه الأطعمة تمنحك شعورًا بالشبع لفترة أطول وتقلل من الرغبة في تناول الوجبات الخفيفة غير الصحية.

التحكم في حجم الحصص والوعي بالأكل

التحكم في حجم الحصص هو مفتاح لخفض السعرات الحرارية الزائدة دون الشعور بالحرمان. غالبًا ما يستهلك الناس كميات أكبر مما يحتاجون إليه دون وعي. ممارسة الوعي بالأكل تعني الانتباه إلى الإشارات الداخلية للجوع والشبع، وتناول الطعام ببطء والاستمتاع بكل لقمة.

عملية 1: قياس الأطعمة واستخدام أطباق أصغر

استخدم أكواب القياس والموازين المطبخية لتحديد أحجام الحصص بشكل دقيق، خاصة في بداية رحلتك. يساعدك هذا على فهم الكميات المناسبة لكل نوع من الطعام. استخدم أطباقًا أصغر حجمًا لتجعل حصصك تبدو أكبر، مما يعطي إيحاءً بالرضا البصري ويساعد على التحكم في الكمية المتناولة.

عملية 2: الأكل ببطء وتذوق الطعام

تناول طعامك ببطء ومضغه جيدًا. يمنح هذا الأمر جسمك الوقت الكافي لإرسال إشارات الشبع إلى الدماغ، مما يقلل من احتمالية الإفراط في الأكل. استمتع بكل نكهة وملمس للطعام وتجنب تشتيت الانتباه أثناء تناول الوجبات، مثل مشاهدة التلفزيون أو استخدام الهاتف.

تجنب السكريات المضافة والمشروبات الغازية

تعتبر السكريات المضافة والمشروبات الغازية مصدرًا رئيسيًا للسعرات الحرارية الفارغة التي تساهم في زيادة الوزن وتضر بصحة القلب. غالبًا ما تكون هذه السكريات مخفية في العديد من الأطعمة المصنعة التي لا نتوقعها.

عملية 1: قراءة الملصقات الغذائية بعناية

عند شراء المنتجات الغذائية، انتبه جيدًا لقائمة المكونات على الملصق. ابحث عن السكريات المضافة بأسماء مثل شراب الذرة عالي الفركتوز، السكروز، الدكستروز، والمالتوز. كلما كانت السكريات أقرب إلى بداية قائمة المكونات، زادت كميتها في المنتج.

عملية 2: استبدال المشروبات السكرية بالماء

يعتبر الماء أفضل مشروب لصحتك. استبدل المشروبات الغازية والعصائر المحلاة بالسكر بالماء النقي. يمكنك إضافة شرائح من الليمون أو الخيار أو بعض أوراق النعناع لإضافة نكهة منعشة. يساعد شرب كميات كافية من الماء أيضًا على الشعور بالشبع وتحسين عملية الأيض.

النشاط البدني الآمن والفعال

أهمية النشاط البدني التدريجي

النشاط البدني ضروري للتحكم في الوزن وصحة القلب بعد الجراحة. يجب أن يتم استئنافه تدريجيًا وبعناية فائقة لتجنب أي إجهاد غير ضروري للقلب. البدء بتمارين خفيفة وزيادة شدتها ومدتها ببطء يسمح للجسم بالتكيف والتعافي بشكل آمن.

أنواع التمارين المناسبة والآمنة

تشمل التمارين المناسبة بعد جراحة القلب المشي، والتمارين الخفيفة لتقوية العضلات، وتمارين المرونة. المشي هو أحد أفضل الأنشطة لأنه لطيف على القلب ويمكن التحكم في شدته بسهولة. يجب تجنب الأنشطة التي تتطلب رفع أثقال ثقيلة أو مجهودًا بدنيًا مفاجئًا وشديدًا.

عملية 1: البدء ببرنامج إعادة التأهيل القلبي

يُعد الاشتراك في برنامج إعادة التأهيل القلبي خطوة حاسمة. يقدم هذا البرنامج إشرافًا طبيًا متخصصًا وتوجيهًا حول التمارين الآمنة والفعالة المناسبة لحالتك. يتعلم المريض كيفية ممارسة التمارين بشكل صحيح ويتم مراقبة استجابته للنشاط البدني.

عملية 2: زيادة النشاط تدريجياً وبموافقة الطبيب

بعد استكمال برنامج إعادة التأهيل، استمر في زيادة مستوى نشاطك البدني تدريجيًا. ابدأ بمدد قصيرة من المشي عدة مرات في اليوم، ثم زد المدة والسرعة تدريجيًا. دائمًا استشر طبيبك قبل زيادة شدة أو نوع التمارين، للتأكد من أنها آمنة ومناسبة لحالتك الصحية.

نصائح لزيادة الحركة اليومية

دمج الحركة في روتينك اليومي يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في حرق السعرات الحرارية والحفاظ على الوزن. حتى التغييرات البسيطة يمكن أن تكون فعالة.

عملية 1: استخدام السلالم بدلاً من المصعد

إذا كانت حالتك الصحية تسمح، حاول استخدام السلالم بدلاً من المصعد أو السلم المتحرك في المباني التي تزورها. ابدأ بعدد قليل من الدرجات ثم زد تدريجيًا. هذا يضيف نشاطًا بدنيًا خفيفًا إلى يومك دون الحاجة إلى تخصيص وقت للتمارين.

عملية 2: المشي لمسافات قصيرة بدلاً من السيارة

إذا كانت وجهتك قريبة، فكر في المشي بدلاً من قيادة السيارة. اركن سيارتك في مكان أبعد قليلاً من وجهتك لتمشي مسافة إضافية. هذه العادات الصغيرة تتراكم وتساهم في زيادة مستوى نشاطك البدني الإجمالي.

الدعم النفسي وإدارة التوتر

تأثير التوتر والعواطف على الوزن

يمكن أن يلعب التوتر والقلق والعواطف السلبية دورًا كبيرًا في زيادة الوزن، خاصة بعد حدث صحي كبير مثل عملية القلب. يلجأ الكثيرون إلى الطعام كوسيلة للتعامل مع هذه المشاعر، مما يؤدي إلى الأكل العاطفي. هذا النوع من الأكل غالبًا ما يتضمن أطعمة غير صحية غنية بالسكريات والدهون.

استراتيجيات التعامل مع التوتر والقلق

تطوير استراتيجيات صحية للتعامل مع التوتر أمر بالغ الأهمية للحفاظ على وزن صحي. يمكن أن تساعد تقنيات الاسترخاء في تهدئة الجهاز العصبي وتقليل الرغبة في الأكل العاطفي.

عملية 1: ممارسة تقنيات الاسترخاء والتأمل

جرب تمارين التنفس العميق، التي يمكن أن تساعد في تقليل التوتر الفوري. ابحث عن تطبيقات أو فيديوهات تعليمية لليوغا الخفيفة أو التأمل الموجه. خصص بضع دقائق يوميًا لممارسة هذه التقنيات، حتى لو كانت قصيرة، لتهدئة عقلك وجسمك.

عملية 2: طلب الدعم من العائلة والأصدقاء والمختصين

لا تتردد في التحدث عن مشاعرك مع أفراد عائلتك أو أصدقائك المقربين. يمكن أن يكون الحصول على الدعم العاطفي أمرًا ذا قيمة كبيرة. إذا كنت تشعر أن التوتر أو القلق يؤثران بشكل كبير على صحتك أو عادات أكلك، ففكر في طلب المساعدة من أخصائي نفسي أو معالج سلوكي.

المتابعة الطبية المنتظمة

أهمية الزيارات الدورية للطبيب وأخصائي التغذية

المتابعة الطبية المنتظمة ضرورية بعد عملية القلب، ليس فقط لمراقبة صحة قلبك، بل أيضًا لتقييم تقدمك في إدارة الوزن. يمكن لطبيبك وأخصائي التغذية تقديم نصائح مخصصة وتعديلات على خطتك الغذائية والبدنية بناءً على استجابة جسمك واحتياجاتك المتغيرة.

الأدوية وتأثيرها على الوزن

بعض الأدوية الموصوفة بعد جراحة القلب قد يكون لها آثار جانبية تؤثر على الوزن، مثل زيادة الشهية أو احتباس السوائل. من المهم أن تناقش أي مخاوف تتعلق بالوزن مع طبيبك. قد يتمكن الطبيب من تعديل الجرعات أو تغيير الأدوية إذا لزم الأمر، مع الأخذ في الاعتبار سلامة قلبك. لا تقم بتغيير أدويتك بنفسك أبدًا.

نصائح إضافية لتحقيق النجاح على المدى الطويل

وضع أهداف واقعية وقابلة للتحقيق

لتحقيق النجاح في التحكم بالوزن بعد العملية القلبية، من الضروري تحديد أهداف واقعية ومنطقية. تجنب الأهداف الطموحة جدًا التي قد تؤدي إلى الإحباط إذا لم تتحقق بسرعة. ابدأ بأهداف صغيرة وقابلة للقياس، مثل فقدان كيلوجرام واحد شهريًا، أو المشي لمدة 15 دقيقة يوميًا.

تدوين التقدم وتتبع النتائج

تتبع تقدمك يمكن أن يكون محفزًا للغاية. استخدم دفتر يوميات لتسجيل ما تأكله، ومستوى نشاطك البدني، ووزنك بانتظام. يمكنك أيضًا استخدام تطبيقات الهاتف الذكي المصممة لمراقبة السعرات الحرارية أو عدد الخطوات. رؤية تقدمك المحرز ستزيد من عزيمتك للمضي قدمًا.

البقاء متحفزاً والتعلم من الانتكاسات

رحلة التحكم في الوزن ليست خطًا مستقيمًا، وقد تواجه بعض الانتكاسات. من الطبيعي أن يكون هناك أيام أقل التزامًا. المهم هو عدم اليأس والتعلم من هذه التجارب. سامح نفسك وعُد إلى المسار الصحيح في أقرب وقت ممكن. ابحث عن مصادر إلهام وقصص نجاح الآخرين لتظل متحفزًا.

الحصول على قسط كافٍ من النوم

يلعب النوم دورًا حيويًا في تنظيم الهرمونات المسؤولة عن الشهية والتمثيل الغذائي. قلة النوم يمكن أن تزيد من هرمون الجريلين (هرمون الجوع) وتقلل من هرمون الليبتين (هرمون الشبع)، مما يؤدي إلى زيادة الشهية والرغبة في تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية. احرص على النوم من 7 إلى 9 ساعات كل ليلة.

Dr. Merna

كاتب ومحرر بموقع هاو منذ عام 2017.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock