التقنيةالكمبيوتر والانترنتكيفية

كيفية تدريب نماذج تصنيف ثنائية ومتعددة الفئات

كيفية تدريب نماذج تصنيف ثنائية ومتعددة الفئات

دليل شامل للخطوات والأدوات لبناء أنظمة تصنيف فعالة

تعد نماذج التصنيف حجر الزاوية في العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، حيث تتيح لنا تصنيف البيانات إلى فئات محددة. سواء كنا نتحدث عن التمييز بين رسائل البريد العشوائي وغير المرغوب فيها (تصنيف ثنائي) أو التعرف على أنواع مختلفة من الكائنات في صورة (تصنيف متعدد الفئات)، فإن فهم كيفية تدريب هذه النماذج وتقييمها أمر بالغ الأهمية. يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل عملي ومفصل يغطي كافة الجوانب المتعلقة بتدريب نماذج التصنيف، بدءًا من إعداد البيانات وصولاً إلى تحسين أداء النموذج، مع تقديم حلول متعددة لضمان فهم شامل وكامل للموضوع.

فهم أساسيات نماذج التصنيف

كيفية تدريب نماذج تصنيف ثنائية ومتعددة الفئات
قبل الغوص في تفاصيل التدريب، من الضروري فهم ماهية نماذج التصنيف وكيف تعمل. تهدف هذه النماذج إلى التنبؤ بفئة أو تصنيف نقطة بيانات معينة بناءً على خصائصها. يمكن أن تكون هذه الفئات ثنائية (مثل نعم/لا، حقيقي/زائف) أو متعددة (مثل قطة/كلب/طائر). يرتكز التدريب على تزويد النموذج بكميات كبيرة من البيانات المسماة، بحيث يتعلم النموذج الأنماط التي تميز كل فئة عن الأخرى. هذا الفهم الأولي يضع الأساس لجميع الخطوات اللاحقة في عملية بناء النموذج.

أنواع التصنيف: ثنائي ومتعدد الفئات

يتعامل التصنيف الثنائي مع الحالات التي يوجد فيها فئتان محتملتان فقط للتنبؤ، مثل الكشف عن الاحتيال (احتيال/ليس احتيال) أو تشخيص مرض (مريض/سليم). هنا، تكون مهمة النموذج واضحة ومحددة. أما التصنيف متعدد الفئات، فيشمل أكثر من فئتين محتملتين، مثل تصنيف أنواع الزهور أو التعرف على الأرقام المكتوبة بخط اليد من 0 إلى 9. يتطلب هذا النوع من التصنيف أحيانًا استراتيجيات تقييم وتدريب أكثر تعقيدًا نظرًا لزيادة عدد النتائج المحتملة. فهم هذا التمييز يساعد في اختيار الأدوات والأساليب المناسبة.

المصطلحات الأساسية في التصنيف

للتحدث بلغة تعلم الآلة، يجب الإلمام ببعض المصطلحات الأساسية. “الميزات” (Features) هي الخصائص أو المتغيرات التي نستخدمها للتنبؤ، بينما “الفئة” (Class) أو “الهدف” (Target) هي النتيجة التي نحاول التنبؤ بها. “مجموعة التدريب” (Training Set) هي البيانات التي يتعلم منها النموذج، و”مجموعة الاختبار” (Test Set) هي البيانات التي نستخدمها لتقييم أداء النموذج على بيانات لم يرها من قبل. “النموذج” (Model) هو النظام الذي يتعلم من البيانات ويقوم بالتنبؤات. “الخوارزمية” (Algorithm) هي الطريقة الحسابية المستخدمة لتدريب النموذج.

إعداد البيانات لتدريب النماذج

تعتبر جودة البيانات التي يتم تدريب النموذج عليها العامل الأكثر أهمية في تحديد أدائه. لا يمكن لنموذج جيد أن يتعلم من بيانات سيئة أو غير منظمة. تشمل عملية إعداد البيانات عدة خطوات حاسمة تضمن أن البيانات نظيفة، متسقة، وفي التنسيق الصحيح لكي يستخدمها النموذج بكفاءة. هذه الخطوات تمثل أساس بناء أي نظام تعلم آلة قوي وموثوق.

جمع البيانات وتنقيتها

الخطوة الأولى هي جمع البيانات ذات الصلة بالمشكلة. قد تكون هذه البيانات من قواعد بيانات، ملفات نصية، صور، أو مصادر أخرى. بمجرد جمعها، تأتي مرحلة تنقية البيانات. تتضمن هذه المرحلة التعامل مع القيم المفقودة (مثل تعبئتها بمتوسط أو وسيط أو إزالتها)، إزالة القيم المتطرفة (Outliers) التي قد تؤثر سلبًا على التدريب، وتصحيح الأخطاء أو التناقضات في البيانات. تضمن هذه العملية أن النموذج يرى بيانات موثوقة ونظيفة.

هندسة الميزات (Feature Engineering)

هندسة الميزات هي فن وعلم تحويل البيانات الخام إلى ميزات أكثر فائدة وتعبيرًا للنموذج. قد يشمل ذلك إنشاء ميزات جديدة من الميزات الموجودة (مثل حساب العمر من تاريخ الميلاد)، تحويل المتغيرات الفئوية إلى أرقام (مثل استخدام الترميز الأحادي One-Hot Encoding)، أو تقليص أبعاد البيانات لتقليل التعقيد. هذه العملية تساعد النموذج على اكتشاف الأنماط المخفية وتحسين قدرته على التعلم.

تقسيم البيانات: التدريب، التحقق، والاختبار

بعد تنقية البيانات وهندسة الميزات، يجب تقسيم مجموعة البيانات الكلية إلى ثلاثة أجزاء رئيسية: مجموعة التدريب، مجموعة التحقق (Validation Set)، ومجموعة الاختبار. تستخدم مجموعة التدريب لتدريب النموذج، بينما تستخدم مجموعة التحقق لضبط المعاملات الفائقة (Hyperparameters) للنموذج واختيار أفضل نسخة منه أثناء عملية التدريب. مجموعة الاختبار تستخدم لتقييم الأداء النهائي للنموذج على بيانات غير مرئية تمامًا، مما يوفر تقديرًا غير متحيز لقدرة النموذج على التعميم. عادة ما تكون النسب 70% تدريب، 15% تحقق، 15% اختبار، لكنها قد تختلف.

اختيار الخوارزمية المناسبة

تتوفر العديد من خوارزميات التصنيف، ولكل منها نقاط قوة وضعف. يعتمد اختيار الخوارزمية المناسبة على طبيعة البيانات، حجمها، تعقيد المشكلة، والموارد المتاحة. فهم الخيارات المتاحة يساعد في اتخاذ قرار مستنير يؤدي إلى أفضل أداء ممكن للنموذج. هذه الخطوة حاسمة لضمان أن النموذج يتناسب مع التحدي المطروح.

خوارزميات التصنيف الثنائي الشائعة

للتصنيف الثنائي، تشمل الخوارزميات الشائعة الانحدار اللوجستي (Logistic Regression)، وهو نموذج بسيط وفعال يفسر الاحتمال. آلات المتجهات الداعمة (Support Vector Machines SVM) التي تبني حدًا فاصلاً بين الفئات. أشجار القرار (Decision Trees) والغابات العشوائية (Random Forests) التي تعد نماذج قوية وقادرة على التقاط العلاقات المعقدة. وأيضًا خوارزميات بايز الساذجة (Naive Bayes) التي تعتمد على نظرية الاحتمالات.

خوارزميات التصنيف متعدد الفئات

يمكن تكييف العديد من خوارزميات التصنيف الثنائي للتعامل مع الفئات المتعددة. على سبيل المثال، يمكن استخدام استراتيجية “واحد مقابل الجميع” (One-vs-Rest OVR) حيث يتم تدريب نموذج ثنائي لكل فئة على حدة، أو استراتيجية “واحد مقابل واحد” (One-vs-One OVO) حيث يتم تدريب نموذج ثنائي لكل زوج من الفئات. كما أن هناك خوارزميات مصممة أساسًا للتصنيف متعدد الفئات مثل أشجار القرار المتعددة، الشبكات العصبية (Neural Networks)، وخوارزميات مثل كيه أقرب الجيران (K-Nearest Neighbors KNN) التي تحدد الفئة بناءً على غالبية جيرانها الأقرب.

معايير اختيار الخوارزمية

عند اختيار الخوارزمية، يجب مراعاة عدة عوامل. منها تفسيرية النموذج (مدى سهولة فهم كيفية اتخاذ القرار)، سرعة التدريب، حجم مجموعة البيانات، طبيعة البيانات (خطية أو غير خطية)، ومدى قدرة الخوارزمية على التعامل مع القيم المتطرفة أو البيانات غير المتوازنة. غالبًا ما يتم تجربة عدة خوارزميات ومقارنة أدائها لاختيار الأنسب للمهمة المحددة.

تدريب وتقييم النماذج الثنائية

بعد إعداد البيانات واختيار الخوارزمية، تبدأ عملية التدريب الفعلي. يتم تغذية النموذج ببيانات التدريب، ويقوم بتعديل معلماته الداخلية لتقليل الخطأ في التنبؤات. بعد التدريب، يجب تقييم أداء النموذج بشكل دقيق باستخدام مقاييس مناسبة لفهم مدى فعاليته وقدرته على التعميم. هذا التقييم يحدد ما إذا كان النموذج جاهزًا للاستخدام أو يحتاج إلى مزيد من التحسين.

خطوات التدريب العملي

تتضمن خطوات التدريب عادة تهيئة الخوارزمية بمعاملاتها الأولية، ثم تغذيتها ببيانات التدريب (الميزات والفئات المستهدفة). يقوم النموذج بالتعلم عن طريق تكرار عملية التنبؤ ومقارنة تنبؤاته بالنتائج الفعلية، ثم تعديل أوزانه ومعاملاته لتقليل هذا الخطأ. يتم تكرار هذه العملية لعدد محدد من التكرارات أو حتى يصل النموذج إلى مستوى أداء معين. تستخدم مكتبات مثل Scikit-learn في بايثون لتبسيط هذه العملية بشكل كبير.

مقاييس التقييم الرئيسية للتصنيف الثنائي

لتقييم النماذج الثنائية، نستخدم مقاييس مثل الدقة (Accuracy)، والتي تقيس نسبة التنبؤات الصحيحة. ولكن الدقة قد تكون مضللة في البيانات غير المتوازنة. لذلك، نستخدم مقاييس أكثر تفصيلاً مثل الدقة (Precision) التي تقيس نسبة الإيجابيات الحقيقية من بين جميع التنبؤات الإيجابية، والاستدعاء (Recall) الذي يقيس نسبة الإيجابيات الحقيقية التي تم اكتشافها بالفعل. مقياس F1 هو المتوسط التوافقي للدقة والاستدعاء، ويوفر رؤية متوازنة. منحنى ROC AUC هو مقياس آخر يوضح قدرة النموذج على التمييز بين الفئات عند عتبات مختلفة.

تدريب وتقييم النماذج متعددة الفئات

يختلف تدريب وتقييم النماذج متعددة الفئات قليلاً عن الثنائية نظرًا لوجود أكثر من نتيجتين محتملتين. بينما تظل المفاهيم الأساسية متشابهة، تتطلب بعض المقاييس والاستراتيجيات تعديلًا للتعامل مع التعقيد الإضافي.

توسيع مقاييس التقييم

بالإضافة إلى الدقة، يمكننا استخدام مصفوفة الارتباك (Confusion Matrix) التي توضح عدد التنبؤات الصحيحة والخاطئة لكل فئة على حدة، مما يوفر رؤية مفصلة لأداء النموذج. يمكن أيضًا حساب الدقة والاستدعاء ومقياس F1 لكل فئة بشكل فردي. يتم تجميع هذه المقاييس غالبًا باستخدام المتوسطات (مثل المتوسط الكلي أو المتوسط المرجح) للحصول على أداء شامل للنموذج عبر جميع الفئات.

استراتيجيات متعددة الفئات: One-vs-Rest و One-vs-One

كما ذكرنا سابقًا، يمكن تحويل مشكلة التصنيف متعدد الفئات إلى سلسلة من مشكلات التصنيف الثنائي. في استراتيجية “واحد مقابل الجميع” (OVR)، يتم تدريب عدد من النماذج الثنائية يساوي عدد الفئات. كل نموذج يميز فئة واحدة عن جميع الفئات الأخرى. في استراتيجية “واحد مقابل واحد” (OVO)، يتم تدريب نموذج ثنائي لكل زوج محتمل من الفئات. على الرغم من أن OVR أبسط في التنفيذ، إلا أن OVO قد يكون أكثر فعالية في بعض الحالات المعقدة، ولكنه يتطلب تدريب عدد أكبر من النماذج.

تحسين أداء النموذج

نادرًا ما يكون الأداء الأولي للنموذج هو الأفضل. هناك دائمًا مجال للتحسين من خلال ضبط المعاملات الفائقة، واستخدام تقنيات التحقق المتقاطع، والتعامل مع التحديات الشائعة مثل عدم توازن البيانات. هذه الخطوات تضمن أن النموذج الذي نبنيه هو الأمثل لمهمتنا.

ضبط المعاملات الفائقة (Hyperparameter Tuning)

المعاملات الفائقة هي إعدادات خارجية للنموذج لا يتم تعلمها من البيانات مباشرة ولكن يتم تحديدها قبل عملية التدريب. أمثلة على ذلك تشمل معدل التعلم في الشبكات العصبية أو عدد الأشجار في الغابات العشوائية. يؤثر ضبط هذه المعاملات بشكل كبير على أداء النموذج. يمكن استخدام تقنيات مثل البحث الشبكي (Grid Search) أو البحث العشوائي (Random Search) لاكتشاف أفضل مجموعة من المعاملات الفائقة التي تزيد من أداء النموذج على مجموعة التحقق.

التحقق المتقاطع (Cross-Validation)

التحقق المتقاطع هو تقنية قوية لتقييم أداء النموذج بشكل أكثر موثوقية وتقليل مخاطر الإفراط في الملاءمة (Overfitting). بدلاً من تقسيم البيانات إلى مجموعة تدريب واختبار مرة واحدة، يتم تقسيم مجموعة البيانات إلى “طيات” (Folds) متعددة. يتم تدريب النموذج وتقييمه عدة مرات، حيث يتم استخدام جزء مختلف من البيانات كمجموعة اختبار في كل مرة. ثم يتم حساب متوسط النتائج للحصول على تقدير أكثر استقرارًا لأداء النموذج.

التعامل مع البيانات غير المتوازنة

تحدث مشكلة عدم توازن البيانات عندما تكون إحدى الفئات ممثلة بشكل كبير جدًا مقارنة بالفئات الأخرى. هذا يمكن أن يجعل النموذج يميل إلى التنبؤ بالفئة الأكثر شيوعًا، مما يؤدي إلى أداء ضعيف للفئات الأقلية. تتضمن الحلول تقنيات مثل الإفراط في أخذ العينات (Oversampling) للفئة الأقلية، أو النقص في أخذ العينات (Undersampling) للفئة الأكثرية، أو استخدام خوارزميات مصممة خصيصًا للتعامل مع البيانات غير المتوازنة.

Marina

كاتب ومحرر بموقع هاو منذ عام 2019.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock