صحة وطبكيفية

كيفية علاج هشاشة العظام عند الرجال

كيفية علاج هشاشة العظام عند الرجال

استراتيجيات شاملة وخطوات عملية للتعافي والحفاظ على صحة العظام

هشاشة العظام ليست حكراً على النساء؛ بل هي مشكلة صحية تؤثر أيضاً على ملايين الرجال حول العالم، وغالباً ما يتم تشخيصها متأخراً. تضعف العظام تدريجياً وتصبح أكثر عرضة للكسور، مما يؤثر بشكل كبير على جودة الحياة. يهدف هذا المقال إلى تقديم حلول عملية وخطوات دقيقة لعلاج هشاشة العظام عند الرجال، مع تغطية كافة الجوانب من التشخيص إلى العلاج والوقاية، لتمكينك من استعادة قوة عظامك والحفاظ على صحتك.

فهم هشاشة العظام عند الرجال: الأسباب والمخاطر

ما هي هشاشة العظام ولماذا تصيب الرجال؟

كيفية علاج هشاشة العظام عند الرجال
هشاشة العظام هي حالة مرضية تتميز بانخفاض كثافة المعادن في العظام وتدهور في بنيتها الدقيقة، مما يجعلها هشة وأكثر عرضة للكسور، حتى من الصدمات البسيطة. على الرغم من أن النساء أكثر عرضة للإصابة بها بعد انقطاع الطمث، إلا أن الرجال يمكن أن يصابوا بها أيضاً. غالباً ما ترتبط هشاشة العظام عند الرجال بانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، أو بعض الحالات الطبية الأخرى، أو استخدام أدوية معينة.

تتقدم هشاشة العظام عند الرجال بصمت، وقد لا تظهر عليها أي أعراض حتى يحدث كسر. تعد كسور الورك والعمود الفقري والمعصم هي الأكثر شيوعاً، ويمكن أن تؤدي إلى الألم المزمن والإعاقة وفقدان الاستقلالية. لذلك، فإن فهم الأسباب والعوامل المؤدية لها هو الخطوة الأولى نحو العلاج الفعال والوقاية من مضاعفاتها الخطيرة.

عوامل الخطر الرئيسية لهشاشة العظام الذكورية

هناك عدة عوامل تزيد من خطر إصابة الرجال بهشاشة العظام. من أبرز هذه العوامل هو التقدم في العمر، حيث تتراجع كثافة العظام بشكل طبيعي مع مرور السنين. انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، سواء بسبب التقدم في العمر أو بعض الحالات الطبية مثل قصور الغدد التناسلية، يلعب دوراً محورياً في ضعف العظام.

كما تساهم بعض الأمراض المزمنة مثل أمراض الجهاز الهضمي، أمراض الكلى، الروماتيزم، والسكري في زيادة المخاطر. استخدام بعض الأدوية لفترات طويلة مثل الكورتيكوستيرويدات، الأدوية المضادة للاختلاج، ومثبطات مضخة البروتون يمكن أن يؤثر سلباً على صحة العظام. نمط الحياة غير الصحي، بما في ذلك قلة النشاط البدني، التدخين، الإفراط في تناول الكحول، ونقص الكالسيوم وفيتامين د، يزيد أيضاً من احتمالية الإصابة بالهشاشة.

التشخيص المبكر: مفتاح العلاج الفعال

متى يجب على الرجال الخضوع للفحص؟

التشخيص المبكر لهشاشة العظام عند الرجال أمر بالغ الأهمية لتجنب المضاعفات الخطيرة. يوصى بإجراء فحوصات العظام للرجال الذين تتجاوز أعمارهم 70 عاماً بشكل روتيني، أو في سن مبكر يصل إلى 50 عاماً في حال وجود عوامل خطر متعددة. من الضروري الانتباه لأي علامات مثل فقدان الطول المفاجئ، أو آلام الظهر المزمنة غير المبررة، أو التعرض لكسر بسيط نتيجة سقطة خفيفة.

يجب على الرجال الذين يعانون من حالات طبية مرتبطة بهشاشة العظام، مثل قصور الغدد التناسلية أو أمراض الجهاز الهضمي المزمنة، أو الذين يتناولون أدوية تزيد من خطر الإصابة، مناقشة الحاجة إلى فحص كثافة العظام مع أطبائهم. لا تتردد في طلب المشورة الطبية إذا كانت لديك أي مخاوف بشأن صحة عظامك.

أدوات التشخيص الحديثة

يعتمد تشخيص هشاشة العظام بشكل أساسي على قياس كثافة المعادن في العظام (BMD) باستخدام جهاز امتصاص الأشعة السينية ثنائي الطاقة (DXA). يعتبر فحص DXA المعيار الذهبي للتشخيص، حيث يقيس كثافة العظام في الورك والعمود الفقري، وهما المنطقتان الأكثر عرضة للكسور. هذا الفحص غير مؤلم وسريع، ويتعرض المريض فيه لجرعة إشعاعية منخفضة جداً.

بالإضافة إلى فحص DXA، قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات دم لتقييم مستويات الكالسيوم وفيتامين د وهرمون التستوستيرون، بالإضافة إلى علامات دوران العظم. هذه الفحوصات تساعد في تحديد الأسباب المحتملة لهشاشة العظام وتوجيه خطة العلاج المناسبة. يمكن أيضاً استخدام صور الأشعة السينية التقليدية للكشف عن الكسور الموجودة أو علامات تشوه الفقرات.

طرق العلاج الدوائية: خيارات متاحة للرجال

الأدوية المضادة لارتشاف العظم

تعتبر الأدوية المضادة لارتشاف العظم من أكثر العلاجات شيوعاً وفعالية لهشاشة العظام عند الرجال. تعمل هذه الأدوية عن طريق إبطاء عملية تكسير العظم القديم، مما يسمح للعظم الجديد بالتشكل ويساعد في زيادة كثافة العظام وتقليل خطر الكسور. تشمل هذه الفئة عدة أنواع من الأدوية، أبرزها البيسفوسفونات.

البيسفوسفونات متوفرة على شكل حبوب يومية أو أسبوعية أو شهرية، أو حقن وريدية نصف سنوية أو سنوية. من الأمثلة الشائعة على البيسفوسفونات: أليندرونات، ريزيدرونات، إيباندرونات، وزوليدرونيك أسيد. عادة ما تستخدم هذه الأدوية لفترة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، وقد يتبعها “فترة راحة دوائية” يحددها الطبيب. يجب تناولها وفقاً لتعليمات الطبيب بدقة لضمان فعاليتها وتقليل الآثار الجانبية المحتملة.

الأدوية البانية للعظم

في بعض الحالات الشديدة من هشاشة العظام، أو عندما تفشل الأدوية المضادة لارتشاف العظم في تحقيق النتائج المرجوة، قد يصف الأطباء أدوية بانية للعظم. هذه الأدوية تعمل بشكل مختلف عن البيسفوسفونات، حيث تحفز خلايا العظام على بناء عظم جديد بشكل مباشر، مما يؤدي إلى زيادة كبيرة في كثافة العظام وتقليل خطر الكسور.

من الأمثلة على الأدوية البانية للعظم: تيريباراتايد (PTH التناظري) وروموسوزوماب. تيريباراتايد يُعطى كحقن يومية تحت الجلد لمدة تصل إلى سنتين، بينما روموسوزوماب يُعطى كحقن شهرية لمدة عام واحد. هذه العلاجات عادة ما تكون مخصصة للحالات الأكثر شدة أو للمرضى الذين يعانون من كسور متعددة. غالباً ما يليها علاج بأدوية مضادة لارتشاف العظم للحفاظ على مكاسب كثافة العظام.

العلاج الهرموني وتأثيره

إذا كانت هشاشة العظام عند الرجال مرتبطة بانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون (قصور الغدد التناسلية)، فقد يوصي الطبيب بالعلاج ببدائل التستوستيرون. يعمل هذا العلاج على زيادة مستويات التستوستيرون في الجسم، مما يمكن أن يساعد في تحسين كثافة العظام وزيادة القوة العضلية. يتوفر التستوستيرون على شكل حقن، جل، أو لصقات جلدية.

من المهم ملاحظة أن العلاج ببدائل التستوستيرون ليس علاجاً مباشراً لهشاشة العظام في جميع الحالات، وقد لا يكون مناسباً لكل الرجال. يجب تقييم المخاطر والفوائد المحتملة بشكل فردي مع الطبيب، خاصة للرجال الذين لديهم تاريخ من سرطان البروستاتا أو أمراض القلب. يُستخدم هذا العلاج عادة كجزء من خطة علاج شاملة تشمل أيضاً الأدوية الأخرى المذكورة وتغيير نمط الحياة.

العلاج غير الدوائي: نمط حياة صحي لدعم العظام

التغذية السليمة: دعامة العظام القوية

تلعب التغذية دوراً محورياً في دعم صحة العظام والوقاية من هشاشتها. الخطوة الأولى هي التأكد من تناول كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين د. الكالسيوم هو المكون الرئيسي للعظام، ويحتاجه الجسم لبناء والحفاظ على عظام قوية. المصادر الغذائية الغنية بالكالسيوم تشمل منتجات الألبان (الحليب، الزبادي، الجبن)، الخضروات الورقية الخضراء الداكنة (مثل السبانخ واللفت)، الأسماك الدهنية، والأطعمة المدعمة بالكالسيوم.

فيتامين د ضروري لامتصاص الكالسيوم في الأمعاء. يمكن الحصول عليه من التعرض لأشعة الشمس، وتناول الأسماك الدهنية (السلمون، التونة)، وصفار البيض، والأطعمة المدعمة. بالإضافة إلى ذلك، يجب الحرص على تناول نظام غذائي متوازن وغني بالبروتين، المغنيسيوم، البوتاسيوم، وفيتامين ك، التي كلها تدعم صحة العظام. يجب تجنب الإفراط في تناول الملح والكافيين، حيث يمكن أن يؤثرا سلباً على امتصاص الكالسيوم.

أهمية النشاط البدني والتمارين الرياضية

ممارسة النشاط البدني بانتظام هي حجر الزاوية في بناء وتقوية العظام. التمارين التي تحمل الأوزان وتتضمن التحمل هي الأكثر فعالية في تحفيز الخلايا العظمية على بناء عظم جديد وزيادة كثافته. تشمل هذه التمارين المشي السريع، الجري، صعود الدرج، الرقص، رفع الأثقال، والتمارين باستخدام أشرطة المقاومة. يجب أن تكون هذه الأمارين جزءاً من الروتين اليومي أو الأسبوعي.

إلى جانب تمارين تحمل الأوزان، ينبغي دمج تمارين التوازن والمرونة مثل التاي تشي واليوغا. هذه التمارين لا تساعد فقط في تقوية العظام ولكن أيضاً تحسن التوازن والتنسيق، مما يقلل من خطر السقوط والكسور. يجب البدء ببطء وزيادة الشدة تدريجياً، مع استشارة الطبيب أو أخصائي العلاج الطبيعي لتصميم برنامج تمارين مناسب وآمن، خاصة إذا كنت تعاني من هشاشة العظام المتقدمة.

تجنب العادات الضارة بصحة العظام

للحفاظ على عظام قوية ومنع تفاقم هشاشة العظام، من الضروري التخلي عن بعض العادات اليومية الضارة. يعد التدخين من أبرز هذه العادات، حيث أظهرت الدراسات أنه يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام ويزيد من فقدان كثافة العظام. يؤثر النيكوتين والمواد الكيميائية الأخرى في السجائر سلباً على خلايا بناء العظم ويقلل من امتصاص الكالسيوم.

الإفراط في تناول الكحول يضر أيضاً بصحة العظام بعدة طرق؛ فهو يعيق امتصاص الكالسيوم وفيتامين د، ويؤثر على توازن الهرمونات التي تلعب دوراً في صحة العظام، ويزيد من خطر السقوط. يجب التقليل من استهلاك الكحول أو التوقف عنه تماماً. كما ينصح بتجنب الإفراط في تناول المشروبات الغازية والكافيين، والحرص على الحفاظ على وزن صحي، فكلاً من النحافة المفرطة والسمنة يمكن أن يؤثرا سلباً على كثافة العظام.

استراتيجيات إضافية لتعزيز صحة العظام والوقاية

إدارة الأمراض المزمنة المؤثرة

العديد من الأمراض المزمنة يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام أو تفاقمها. لذا، فإن الإدارة الفعالة لهذه الحالات الصحية تعد خطوة أساسية في خطة علاج هشاشة العظام عند الرجال. على سبيل المثال، يجب على مرضى السكري الحفاظ على مستويات السكر في الدم تحت السيطرة، حيث يمكن أن يؤثر السكري على جودة العظام.

بالنسبة للرجال الذين يعانون من أمراض الجهاز الهضمي مثل داء كرون أو التهاب القولون التقرحي، يجب العمل مع الأطباء للسيطرة على الالتهاب وتحسين امتصاص العناصر الغذائية، بما في ذلك الكالسيوم وفيتامين د. كما أن أمراض الكلى المزمنة يمكن أن تؤثر على استقلاب الكالسيوم والفوسفور، وتتطلب مراقبة وعلاجاً دقيقاً. العمل مع فريق طبي لإدارة هذه الحالات يساهم بشكل كبير في حماية العظام.

دور المكملات الغذائية والفيتامينات

في بعض الأحيان، قد لا يكون النظام الغذائي وحده كافياً لتلبية احتياجات الجسم من الكالسيوم وفيتامين د، خاصة للرجال المصابين بهشاشة العظام. في هذه الحالات، قد يوصي الطبيب بتناول المكملات الغذائية. يفضل تناول الكالسيوم على جرعات مقسمة على مدار اليوم لتحسين الامتصاص. كما أن مكملات فيتامين د ضرورية، خاصة لأولئك الذين لا يتعرضون لأشعة الشمس بشكل كافٍ أو لديهم نقص فيه.

يجب دائماً استشارة الطبيب قبل البدء في تناول أي مكملات غذائية، حيث أن الجرعات المفرطة يمكن أن تكون ضارة. يمكن للطبيب تحديد الجرعة المناسبة بناءً على نتائج فحوصات الدم واحتياجاتك الفردية. قد تكون هناك مكملات أخرى مثل المغنيسيوم وفيتامين ك التي قد تلعب دوراً في صحة العظام، ولكن ينبغي أيضاً مناقشة استخدامها مع الطبيب.

المتابعة الدورية مع الطبيب

علاج هشاشة العظام عند الرجال هو رحلة طويلة تتطلب التزاماً ومتابعة مستمرة. يجب على الرجال المصابين بهشاشة العظام إجراء فحوصات دورية مع الطبيب لتقييم فعالية خطة العلاج وتعديلها حسب الحاجة. تشمل هذه المتابعة إعادة فحص كثافة العظام (DXA) كل سنة إلى سنتين، بالإضافة إلى فحوصات الدم لمراقبة مستويات الكالسيوم وفيتامين د والهرمونات.

كما أن المتابعة الدورية تتيح للطبيب تقييم أي آثار جانبية محتملة للأدوية، وتقديم المشورة بشأن نمط الحياة، والتأكد من أن المريض يلتزم بالبرنامج العلاجي. لا تتردد في طرح الأسئلة أو التعبير عن أي مخاوف لديك خلال هذه الزيارات. الالتزام بالرعاية المستمرة والتعاون مع فريق الرعاية الصحية هو مفتاح النجاح في إدارة هشاشة العظام والحفاظ على عظام قوية وصحية.

Randa

كاتب ومحرر بموقع هاو منذ عام 2018.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock